قبل أن نتعمق في الجوانب الفنية لذاكرة الترجمة، دعونا أولاً نناقش الأسباب وراء أهمية استثمار شركتك في هذه الأداة.
تضع الشركات والمؤسسات العديد من الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها. وحيث إن الأهداف تختلف باختلاف الشركات، فأغلبها تتفق على صياغة إستراتيجيات عمليّة من أجل إيجاد مصادر الدخل، وتعزيز النمو، ووضع خطط بغرض التوسع، وقبل كل شيء، توليد الأرباح.
يُعتبر توليد الأرباح من أبرز العوامل لإدارة عمل ناجح. بالعودة إلى ذاكرة الترجمة، كيف يمكن أن تساهم هذه الأداة في توليد الأرباح لشركتك؟ تخيّل معي ذلك السيناريو حين لا يضطر المترجمون إلى العمل، ليل نهار، من أجل ترجمة الجملة والعبارة نفسها مرارًا وتكرارًا. فهذا يستقطع جزءًا كبيرًا من يومهم، بل ويقلّل من كفاءة العمليات في شركتك.
لكن لا داعي للقلق حيال هذه المسألة بمجرد أن تدمج نظم إدارة الترجمة في عمليات مؤسستك؛ حيث سيتمكن فريقك من الاستفادة من ذاكرة الترجمة في أعمالهم وعملياتهم اليومية. وسيؤدي هذا إلى توفير الكثير من الوقت لشركتك، وستتمكن من تسليم مشاريعك بشكل أسرع.
ماذا تعني ذاكرة الترجمة؟
في أبسط صورها، ذاكرة الترجمة هي قاعدة بيانات ثنائية اللغة تقوم بتخزين النصوص المترجمة مسبقًا. يقوم المستخدم بإنشاء هذه الترجمات في البداية. وبمجرد تخزينها، يمكن الاستفادة منها في وقت لاحق عند الحاجة إليها. وهذا يوفّر الوقت ويجنّبك الاضطرار إلى تكرار الترجمة نفسها.
وهكذا، تستمر قاعدة بياناتك بذاكرة الترجمة بالازدياد يوميًا.
ذاكرة الترجمة تشبه حساب الادخار
من أسهل أساليب استيعاب هذه الفكرة مقارنة ذاكرة الترجمة مع حساب الادخار. فإنشاء حساب الادخار وتغذيته بنجاح يعني أنك يجب أن تبدأ مبكرًا بالعملية وتودع مبالغ في حسابك بانتظام. وكلّما زادت قيمة إيداعاتك، سينمو حسابك أكثر وأكثر. وبافتراض أن راتبك يستمر في الزيادة المركبة بمرور الوقت، فهذا يعني أن المبالغ التي ستودعها في حسابك للادخار ستزيد هي الأخرى.
إذا كانت ذاكرة الترجمة عبارة عن حساب ادخار، إذا فستكون ترجمة وتحرير أحد المقاطع مكافئة لقيود إيداع الأموال في حسابك. وكلّما زاد حجم الترجمة التي أضافها المستخدم في مرحلة مبكرة، نمت قاعدة البيانات بشكل أسرع. وهذا يعني أن المترجم سيتمكن من الاستفادة من الترجمات الموجودة بالفعل، وهذا بدوره سيوفّر له قدرًا هائلاً من الوقت والمال.
بمجرد بلوغك سن التقاعد، ستكون الأموال المدخرة في حسابك وسيلة أساسية في تأمين معيشتك ودعمك في السنوات اللاحقة. بالمثل، تسمح لك ذاكرة الترجمة بالسحب من ترجماتك المحفوظة مسبقًا وبإنجاز المشاريع بوتيرة أسرع. ومن ثمّ، يمكنك الانتقال إلى مشاريع أخرى.
على النقيض من بعض حسابات الادخار التي تفرض حدًّا سنويًا على المبلغ الذي يمكنك إيداعه في العام الواحد، تكمن روعة ذاكرة الترجمة في أنه لا توجد قيود من أي نوع. فيمكنك إدخال الكمّ الذي ترغب فيه والسحب منه في أي وقت تحتاج إليه.
كيف تعمل ذاكرة الترجمة؟
عند ترجمة سلسلة جديدة في مشروعك، يجمع برنامج ذاكرة الترجمة العبارات من اللغة المصدر مع العبارات من اللغة الهدف بحيث تقترن معًا، ويضيفها إلى قاعدة البيانات في مُدخل واحد.
عندما تعاود السلسلة الظهور في النص أثناء ترجمة المترجم له، فإن ذاكرة الترجمة تقوم تلقائيًا بملء سلسلة الترجمة بالنص المحفوظ مسبقًا.
في بعض الحالات، ربما لا تكون السلسلة المحفوظة مطابقة بنسبة 100% للسلسلة التي يقوم المترجم بترجمتها حاليًا. وسيقوم المؤشر في تلك الحالة بتنبيه المترجم إلى نسبة التطابق بحيث يمكنه إجراء التعديلات بناءً على ذلك.
فوائد استخدام ذاكرة الترجمة؟
إذا كانت مؤسستك تعتمد على تنفيذ أعمال الترجمة في كلّ مرة من البداية دون استخدام وسائل مساعدة، فأنت إذن لا تستغل كامل إمكاناتك الاستغلال الأمثل. لا شك في أنك ستحصل بطريقتك التقليدية على محتوى محكم، ولكن إضافة البرنامج إلى معادلة العمليات التشغيلية سيؤدي إلى تسريع وتيرة إنجاز الأعمال.
والآن دعونا نناقش أبرز 4 فوائد للاستعانة بذاكرة الترجمة:
- تعظيم الإنتاجية والارتقاء بالجودة مع خفض التكاليف
باستخدام ذاكرة الترجمة، ستحافظ على الاتساق وانسجام العمل بين جميع أجزاء المشروع. أما بدون استخدامها، فقد ينشئ المترجم ترجمتان مختلفتان للعبارة نفسها، مما سيخلّ بتناغم وانسيابية المحتوى. ولكن باستخدام هذه الأداة التي تستعين بالحاسوب، بإمكان المترجم تلافي هذا الخطأ. - إنجاز وتسليم أسرع
عن طريق دمج هذا البرنامج في عمليات أعمالك، ستضمن أن مؤسستك لن تضطر باستمرار إلى ترجمة المقاطع المتكررة. وستُتاح لك ميزة الحصول على ترجمات فورية للنصوص التي تتعرّف عليها ذاكرة الترجمة. وهذا سيوفّر لك كثيرًا من الوقت. إلى جانب الحصول على الترجمة الفورية، فاستخدام نظام إدارة الترجمة سيسمح لك بتنفيذ مراحل الترجمة، والمراجعة، والتحرير جميعها في الوقت نفسه، مما سيقلّل من الوقت اللازم لإنجاز المشروع.
إضافة إلى ذلك، سيُسرُّ عملاؤك بمواعيد التسليم السريعة. فلأن البرنامج سيحدّ من الحاجة إلى تنفيذ العمليات المتكررة، بالتالي، سيكون وقت استجابتك أسرع. - توليد إيرادات أعلى
حيث إن ذاكرة الترجمة تمكنك من إنجاز وتسليم مشاريعك بوتيرة أسرع، فستتمكن شركتك من قبول مشاريع أكثر. فالعمل سينتهي سريعًا على المشاريع القائمة حاليًا، وهذا بدوره سيؤدي إلى إنماء قاعدة عملائك لأنك تتمكن من تقديم خدماتك إلى عدد أكبر من العملاء الجدد. - قاعدة بيانات مركزية
تسمح لك ذاكرة الترجمة بتحقيق المركزية وتضافر الجهود في أعمال الترجمة. فلست في حاجة إلى الاعتماد على جداول البيانات ورسائل البريد الإلكتروني ونماذج الاتصالات المختلفة من أجل إنجاز مشاريع الترجمة. فذاكرة الترجمة تضمن لك أن المحتوى الذي تنشئه كله موجود في موقع واحد في متناول جميع المعنيّين في جميع الأوقات.
الترجمة الآلية في مقابل ذاكرة الترجمة
جميعنا على علم بخدمة Google Translate، فهي أسهل وسيلة للحصول على ترجمة للنصوص، أليس كذلك؟ ولكن إذا كانت خدمة Google Translate تؤدي وظيفتها جيدًا، فلم إذن ستحتاج إلى الاستثمار في برنامج ذاكرة الترجمة؟
إليك الفارق الجوهري، Google Translate عبارة عن نظام للترجمة الآلية وهو مختلف عن ذاكرة الترجمة. يقع كثيرون في الخلط بين المصطلحين ويستخدمونهما في السياق نفسه، ولكن هذين المصطلحين مختلفان تمامًا.
فالترجمة الآلية تتعامل مع الترجمات التي ينشئها الحاسوب وحده تقريبًا، بينما تتمتع قاعدة البيانات في ذاكرة الترجمة بترجمات أعلى جودةً تم تنقيحها على مدار السنوات.
المترجم الآلي لا يقترح بدقة دائمًا الترجمة الصحيحة، وهذا من شأنه تغيير معنى السياق تمامًا. فربما يكون من المريح لك الاستعانة بروبوت لتنفيذ أعمال الترجمة، ولكن قد يكون لذلك نتائج سلبية مضحكة في بعض الأحيان.
نحن لا نقول أن الترجمة الآلية سيئة، ففي الواقع، لقد وصلت إلى مرحلة متقدمة مثيرة للإعجاب، ولكنها يمكن أن تؤدي إلى إخفاق المشروع.
تسوق لنا مجلة Babbel Magazine مثالاً على نتائج الترجمة الآلية: * طُلب من أحد المترجمين ترجمة وثيقة إلى اللغة الإسبانية تتحدث عن السلامة في مكان العمل. وكان بهذه الوثيقة قسمًا يختص بمسألة “الوقاية من السقوط”. فترجمتها خدمة Google إلى otoño protección باللغة الإسبانية، ومعناها في اللغة العربية “الوقاية من الخريف”. لمن لا يعرف الكلمة الإسبانية otoño فهي تعني فصل الخريف، وهكذا أصبح المعنى بالنسخة المترجمة “الوقاية من الخريف”.
وهذا يغيّر المعنى المقصود إيصاله من الرسالة تمامًا.
استخدام ذاكرة الترجمة من أي مكان
تكمن روعة إدماج تقنية السحابة مع استخدام هذه الأداة للترجمة التي تستعين بالحاسوب في أنه يمكنك الوصول إليها من أي مكان وفي أي وقت.
تقديم خدمة الترجمة لا يتطلب منك العمل من مكان واحد بعينه، فسيتمكن جميع موظفيك والمتعاقدين المستقلّين من الوصول إلى قاعدة بيانات ذاكرة الترجمة من أي مكان. فبإمكانهم استخدامها من أجل ترجمة وثيقة بالغة الأهمية أو حتى ترجمة رسالة بريد إلكتروني. فمهما كان استخدامك لها، ذاكرة الترجمة هي برنامج يمكن الوصول إليه من أي مكان وستكون بصحبتك إلى أي مكان تذهب إليه.
ذاكرة الترجمة عبارة عن برنامج مبتكر. وإذا أردت أن ترتقي بممارسات أعمالك لتستوفي المعايير العالمية، نوصي بأن يكون تبنّي ذاكرة الترجمة على رأس قائمة أولوياتك. فمن شأنها تحسين جميع عمليات الترجمة وجعلها أكثر كفاءة. كما أنها ستساعدك على تقديم خدمات التوطين وعلى تعزيز جودة المحتوى الذي تقدمه في نهاية المطاف.
هل ترغب بالاستفادة من تقنيات ذاكرة الترجمة لدعم أعمالك؟ اعرف المزيد عن حلول “ترجمة” التي تساعدك في خفض نفقات خدمات الترجمة مع الحفاظ على أعلى معايير جودة المحتوى والاتساق.