كان عام 2020 مليئًا بالتحديات والتقلبات غير المتوقعة لنا جميعًا، ليس فقط كشركات، بل كأفراد أيضًا. عندما بدأ فيروس كورونا المستجد بالتفشي في مدينة ووهان الصينية في ديسمبر 2019، لم يكن من الممكن لأحد أن يتنبأ بحجم وشدة تأثير هذا الفيروس على حياتنا اليومية وعلى شركاتنا. وحتى يومنا هذا، لم يتوقف الفيروس عن الاستشراء في جميع أرجاء العالم، الأمر الذي يجبرنا كقادة للأعمال في مختلف المجالات على إعادة تقييم أولوياتنا باستمرار فيما يخص إدارة أعمالنا وشركاتنا.
في شركة ترجمة، اغتنمنا عام 2020 كفرصة لإعادة الابتكار والنمو. في غمرة ظلام هذا الوباء، حافظت شركتنا على تألقها وبريقها؛ فحصدنا أفضل الجوائز وحظينا بالتقدير في مجالنا ونجحنا بضم مواهب جديدة إلى صفوفنا مع الاستمرار بتحقيق الأرباح للشركة. لكن هذا لا يعني أنه كان عامًا سهلاً وسلسًا، بل على العكس تمامًا.
الآن، وفي مستهل عام 2021، فمن الجدير أن نتشارك خبرتنا وكيف استطعنا الانتصار في “معركة عام 2020” الطويلة والمرهقة. ففي مواجهة المحن والشدائد، لم نصمد فحسب، بل ازدهرنا أيضًا. كان نهجنا في التعامل مع الجائحة ينبع من عقول متفتحة، فلم ننظر إليها كتحدٍ فقط، بل كمنعطف مصيري في رحلتنا لتحقيق مستويات نجاح لم تشهد نظيرًا لها.
سنعرض لكم بعض الدروس الرئيسية التي تعلمناها هنا في ترجمة:
١. كن مستعدًا لتتحدى وتغير نظرتك نحو أي شيء
إن كان هناك درس مستفاد من عام 2020، فهو أنه لا شيءَ منقوشٌ على الحجر، فقد أظهر لنا الوباء أن الأحوال تتغير ويمكن حتى لأفضل الخطط أن تتداعى في لمح البصر.
على الرغم من أننا نعلم بالفعل أن إدارة الشركات الناجحة تتطلب المرونة، إلا أن فيروس كورونا المستجد هو الاختبار الحقيقي لهذا المفهوم. فعندما تفشى الفيروس واتضحت لنا آثار انتشاره، كان علينا أن نراجع خططنا ونضع استراتيجيات جديدة لنؤمن لأنفسنا موطئ قدم ثابت ومستقر في هذا الواقع الجديد.
يمرّ مستقبل مقر العمل بمفهومه التقليدي بحالة تغير الآن، ففكرة العمل من المكاتب والشركات تتحول شيئًا فشيئًا إلى فكرة العمل من أي مكان، والتي تُعرف بمسمى “العمل المرن”. نرى العديد من الشركات الآن تتحدى الأسلوب التقليدي للعمل، فعلى سبيل المثال، تبنت شركة كريم مؤخرًا نموذجًا دائمًا للعمل من المنزل لكافة قواها العاملة لتتماشى مع مستقبل العمل.
في ترجمة، كانت استجابتنا سريعة أيضًا؛ فزوّدنا موظفينا في مختلف المناطق حول العالم بما يلزمهم ليتكيفوا مع العمل عن بعد. وبالنسبة لفريقنا الإداري، فرضت علينا هذه الخطوة أن نعقد عدة اجتماعات في الأسبوع للحفاظ على التوافق بين الأقسام وتقييم القرارات والخطوات التي اتخذناها وإجراء التعديلات وفقًا لذلك. فرمز نجاح أي شركة هو قدرتها على التكيف مع بيئتها المتغيرة.
٢. حان الوقت الآن للاستثمار في التكنولوجيا
يجب أن يكون العمل الذكي والهادف هو محور أي شركة ناجحة. فالشركات التي تستثمر أموالها في مجالي التكنولوجيا والأتمتة تتيح المجال لموظفيها ليستثمروا وقتهم في تحقيق أعلى قيمة ممكنة.
ولا شك في أن الأتمتة ستنهي بعض الوظائف، لكنها ستوفر وظائف جديدة لم تكن موجودة من قبل. فبحسب تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي نُشر في أكتوبر 2020، ستقضي الأتمتة على 85 مليون وظيفة بحلول عام 2025، ولكنها ستوفر 97 مليون وظيفة جديدة، ما يمثل نموًا إجماليًا في عدد الوظائف المتوفرة يبلغ 12 مليون وظيفة.
في شركتنا، قررنا أن نستثمر بدرجة كبيرة في تطوير محفظتنا التكنولوجية خلال عام 2020 (مثل الترجمة الآلية، والبوابة الإلكترونية T-Portal، ونظام إدارة الترجمة CleverSo، وغيرها من التقنيات). وجهة نظرنا هي أن الأتمتة والآلات موجودة لتساعدنا على تحقيق نتائج أسرع بجودة أفضل وأخطاء أقل.
إن لم تكن قد استثمرت في تعزيز شركتك بالأدوات الرقمية من قبل، فمن المحتمل أن الوباء قد أجبرك على القيام بذلك بسرعة ودون سابق إنذار. وعليك باعتبار ذلك خطوة في المسار الصحيح لأن العمل عن بعد والأتمتة هما مستقبل الشركات. وعندما تعتاد أنت وموظفوك على العمل عبر الإنترنت، ستكون هذه بداية مرحلة جديدة لشركتك، تتميز بسرعة إنجاز المهام وزيادة المخرجات وانخفاض التكاليف على المدى الطويل.
٣. ابقَ قريبًا من فريقك ومنتجاتك
إن تلبية احتياجات كل من العملاء والمستثمرين والموظفين في الوقت نفسه هي من أكبر التحديات التي يواجهها أي رئيس تنفيذي، ولا ننسى أيضًا الإشراف على تطوير منتجات وخدمات جديدة. والشرط الأساسي للنجاح في ذلك هو أن تبقى قريبًا من فريقك وتهتم بملاحظاتهم ومخاوفهم لتعدل استراتيجياتك وفقًا لذلك. فمن دون مدخلات فريقنا وتفانيه، لما شهدنا نفس القدر من النمو خلال السنوات القليلة الماضية.
واستجابة لفيروس كورونا المستجد، روجنا وعززنا ثقافة التواصل الرأسي المفتوح مع موظفينا، فهذا يسمح لنا بالتعامل مع المشاكل التي تؤثر عليهم في عملهم أولاً بأول. كما أننا نشجع على مناقشة الصحة النفسية في مكان العمل بانفتاح وحرية لإيجاد بيئة عمل مريحة وداعمة وتقدمية.
كما عمل مشرفونا عن كثب مع فرقهم ليحرصوا على أن شركتنا تلتزم بوعدها بتوفير المنتجات والخدمات بأعلى المعايير طوال السنة. ولأننا شركة في طور نمو مستمر، نتبع نهجًا عمليًا في تحسين المنتجات التي نقدمها لمستهلكينا لأفضل حد ممكن.
٤. شجّع أفراد فريقك وساعدهم على اكتساب مهارات جديدة
يتمحور مستقبل القوى العاملة حول تطوير المهارات الجديدة. فبحسب تقرير أعدته شركة ماكنزي، سيحتاج ما بين 30 إلى 40 بالمئة من العمال في الدول المتقدمة بحلول عام 2030 إلى رفع مستوى مهاراتهم و/أو تغيير وظائفهم بسبب التكنولوجيا المتغيرة والتنافسية المتزايدة باستمرار.
سيتوجب على “موظفي المستقبل” أن يمتلكوا مستوى عالٍ من الذكاء العاطفي والمهارات الإبداعية والقدرات المعرفية، علاوة على المهارات التقنية.
على سبيل المثال، تتيح لنا تكنولوجيا الترجمة الآلية التي طورناها في ترجمة تقديم ترجمات أولية فورية لعملائنا، ما يمكننا من توفير الفرصة لمترجمينا للتركيز على الجوانب الإبداعية لعملية الترجمة التي تتطلب مهارات بشرية. فقد ساهم استخدام التكنولوجيا في فتح أبواب للمترجمين واللغويين في شركتنا لتعلّم لغات جديدة واكتساب مهارات جديدة مثل كتابة المحتوى والتصميم.
٥. حدد مخاطرك
إدارة أي شركة هي أمر صعب على أي شخص في الأحوال الطبيعية، ويزداد هذا صعوبة مع شعور الجميع بالخوف بسبب تفشي وباء قاتل في العالم، فعليك حينها أن تحقق توازنًا دقيقًا بالاعتماد على معرفة عميقة بقطاعك واتخاذ قرارات مدروسة. أصبح من الضروري تقييم جميع المخاطر بغض النظر عن مدى صغرها بعد أن جعل فيروس كورونا المستجد اتخاذ القرارات الاستثمارية الصحيحة أمرًا مصيريًا.
إعطاء الأولوية لتطوير تقنياتنا القائمة على الحوسبة السحابية ساعدنا في عملية الانتقال بسلاسة ويسر. فاستمر موظفونا اللغويون بالعمل باستخدام نظام إدارة الترجمة، والذي يوفر منصة مركزية لعملية الترجمة من بدايتها وحتى نهايتها. فيمكن لكل أعضاء الفريق أن يقوموا بالمهام المتعلقة بإدارة المشاريع والترجمة والتحرير والتدقيق وإصدار الترجمات النهائية عبر النظام الذي يوفّر قنوات سهلة للتواصل والمتابعة.
بحكم طبيعة عالم الأعمال، فإن كل شركة هي فريدة من نوعها وتختلف عن الشركات الأخرى، وبالتالي، عليك أن تحدد التحديات التي تواجهك وتواجه فريقك وعليك أن تجد طرقًا وأساليبًا للتعامل معها. وبالنسبة لنا في ترجمة، كان واجبنا أن نحرص على ألا يؤثر هذا الوباء في استمراريتنا لكي نتمكن من خدمة عملائنا بشكل سلس ومتواصل.
إذن…
ستُسجّل كتب التاريخ هذه السنة الشائنة على أنها واحدة من أكثر الفترات تحديًا في حياتنا. لقد هز هذا الوباء البشرية بأكملها وأحدث آثارًا صحية واجتماعية واقتصادية لا نزال نحاول استيعابها والتعامل معها. لكن على الرغم من هذه التحديات، يمكن للشركات أن تحافظ على ربحها إذا سارعت إلى تعديل استراتيجياتها وأولوياتها وخططها لتتكيف مع الوضع الجديد. ومع استعدادنا في شركة ترجمة لعام جديد، فإننا على ثقة تامة بأن الإنجازات القادمة ستكون أكبر وأفضل.